الخميس، 28 يونيو 2012

خلق الله آدم عليه السلام والصلوات من أجل محمد صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين ... المجموعة الثالثة ..





خلق الله
آدم عليه السلام
من أجل
محمد صلى الله 
عليه وآله
الطاهرين


المجموعة الثالثة


......................

(40) وقد أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق برواية 
صحيحة عن أبي السمير الترمذي عن كعب الأحبار:
"أن الله أنزل على آدم عصيا بعدد الأنبياء المرسلين، ثم أقبل على ابنه شيت فقال: أي بني أنت خليفتي من بعدي، فخذها بعمارة التقوى والعروة والوثقى وكل ما ذكرت الله فأذكر إلى جنبه محمد، فإني رأيت اسمه مكتوبا على ساق العرش، وأنا بين الروح والطين، 
كما إني طفت السموات فلم أر في السموات موضعا إلا رأيت اسم محمد مكتوبا عليه، وإن ربي أسكنني الجنة فلم أر في الجنة قصرا ولا غرفة إلا اسم محمد مكتوبا، ولقد رأيت اسم محمد مكتوبا على 
نحور الحور العين، وعلى ورق قصب الجنة آجام الحجب ،
 وعلى ورق شجر طوبى، وعلى ورق سدرة المنتهى، وعلى أطراف الحجب وبين أعين الملائكة، فأكثر ذكره، 
فإن الملائكة تذكره في كل ساعاتها "
(41) وقد ذكرنا الرواية . وفي السياق ذكر ابن عساكر أيضا: عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال:
"اختصم ولد آدم فقال بعضهم: أي الخلق أكرم على الله؟ قال بعضهم آدم، خلقه الله بيديه وأسجد له ملائكته، قال آخرون: الملائكة الذين لم يعصوا الله، فقالوا بيننا وبينكم أبونا، فانتهوا إلى آدم فذكروا له ما قالوا، فقال: يا بنيّ إنّ أكرم الخلق – يعني محمدا – ماعدا أن نفخ فيّ الروح، فما بلغ قدمي حتى استويت جالسا، فبرق لي العرش، فنظرت فيه محمد رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين  فذاك أكرم الخلق على الله"تعالى .
(42) وقد روى أبو هريرة عن عطاء قال: 
قال رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين  :
"نزل آدم بالهند، واستوحش، فنزل جبريل فنادى بالآذان : الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين. قال آدم: من محمد؟ قال آخر ولدك من الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم : " ..
(43) ... وهذا الحديث يفيد حالة التأكيد من آدم على النبوة المحمدية في الأرض لأنه لم يدركها في السماء والله أعلم.. وكل حادث جديد يحتاج فيه آدم عليه السلام لعلم وكان جبريل يكفله علمه عليه السلام . وهكذا كان نزوله الأرضي عليه السلام  خوضا لحرب المستقبل الواعد مع قوى الشر المطلقة.. حاملا توبته وشموخه وحزنه ليلقى قدره المحتوم.. فكان عليه السلام أول من حمل المعاناة من رحم واقع الظلم الذي أحاطه.
فقد روى سعيد بن جبير عن ابن عباس عليه السلام قال... 
في قول الله تعالى في علاه :
 :
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)  }  :
الأحزاب: ٧٢

قال:" قيل لآدم: أتأخذها فما فيها إن أطعت فأغفر لك، وإن عصيت عذبتك؟ قال: فما كان إلا كما بين صلاة العصر إلى أن غربت الشمس حتى أصاب الذنب"...

وعن مجاهد عن ابن عباس عليه السلام  في :

{  إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)  }   : الأحزاب: ٧٢

... فلم تقبلها الملائكة ، فلما خلق الله آدم عرضها عليه، فقال يا رب ما هي؟ قال إن أحسنت جزيتك، وإن أسأت عذبتك، قال: 
فقد تحملتها يا رب"..
(44)          وهذا هو التأكيد لقول الله المعظم في سياق 
القرآن الكريم في الآية  ...
(45)           أي حملها من ذريته من لا يدركها 
و لا تكليف له بها .. والأمانة هي : 
ولاية الرسول صلى الله عليه وآله وبعده 
عترته أهل بيته عليهم السلام والرضوان ...
لم يتولوهم وقاتلوهم وظلموهم .
وعن مجاهد قال: أوحى الله إلى الملكين: 
أخرجا آدم وحواء من جواري، فإنهما قد عصياني، فالتفت آدم إلى حواء باكيا وقال: استعدي للخروج من جوار الله تعالى  هذا أول شؤم المعصية، نزع جبريل التاج عن رأسه، 
وحل ميكائيل الإكليل عن جبينه. وتعلق به غصن 
فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة، فنكس رأسه يقول: 
العفو، العفو، قال الله عز وجل: فرارا مني؟ فقال: 
بل حياء منك سيدي".
وعن حسان قال:" بكى آدم على الجنة سبعين 
عاما وبكى على خطيئته سبعين عاما وبكى 
على ابنه حين قتل أربعين عاما، 
وأقام بمكة من عمره مائة عام.."
(45)  وعن ابن بريده، عن أبيه قال: 
قال رسول الله صلى الله عليه  وآله وسلم :
" لو وزن (وزنت) دموع آدم لجميع دموع ولده لرجح دموعه على دموع جميع ولده" وقال :
النبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين   ...
: " لو أن بكاء داود وبكاء جميع أهل الأرض يعدل 
ببكاء آدم ما عدله " ...
(46)  وهكذا كان رضا الرب الأعظم يطهر الخطيئة 
بنوره الأعظم الذي أنزله في جسده عقب توبته.. وهو نور النبي محمد صلى  الله عليه وآله وسلم  والذي لولاه لما كانت 
الخليقة ونبوة آدم ونبوات الأنبياء عليهم السلام.
وكان الاستفادة والتوسل إلى الرب بمبارك السموات 
وملكوتها الأعظم محمد صلى الله عليه وآله ...

وفي التوراة البشارة:  يقول السيد المسيح عليه السلام : 
وهو يودع الحواريين : 
" مبارك الآتي بإسم الرب "
(47)           : " وفي إنجيل مرقص :
(48)           " وأخذ السائرون أمامه والسائرون خلفه يهتفون : " أوصنا !  : مبارك الآتي بإسم الرب !  " ...
(49)         
" هي قائمة السعادة للحركة البشرية جمعاء من آدم 
وحتى إغلاق الملف الأرضي وطي السموات...
 وهكذا ندرك أي الأنوار لهذا النبي الأعظم وآل بيته 
في سموات الله وأرضه... 
وصدق السيد المسيح عليه السلام   
حين ذكره في إنجيله ...

(50)               بأنه (ملكوت السموات والأرض) القادم بعده...
 {  وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ    ...}  :
الصف: ٦
    وهو الذي يختم الله به كل الرسالات والنبوات..
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صل وآله:
"  كيف تهلك أمة أنا أولها وعيسى ابن مريم 
آخرها والمهدي من أهل بيتي في وسطها"..
(49)      وقال:" كيف بكم إذا أنزل بكم ابن مريم فأمّكم أو قال: إمامكم منكم" ..
(50) " فيقول: أنتم أحق بعضكم أمراء بعض. أمر أكرم الله به هذه الأمة" ..
(51)        والسيد المسيح كنبي وروح إلهية 
قد ادخره الله لنصرة دولة أهل البيت الإلهية في الأرض ..
وصدق رسول الله  محمد صلى الله عليه وآله ...
 وحين قال: بنا بدء الدين وبنا يختم".. 
وفي الرواية...
" بل منا يختم الله به الدين كما فتح بنا وبنا ينقذون من الفتنة  ...
(52)   أي سيختم بالمهدي عليه السلام وهو السماوي النوراني الذي يتلألأ نوره في السموات نازلا لختم الرسالة 
وإحلال العدل الإلهي بعد تطهير الأرض من كل أشكال 
الظلم والخطيئة... وأئمة أهل البيت 
هم أنوار الله في الأرض 
وفي السماء...
قال جدنا الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام :
:"إن الله عز وجل خلقنا، فأحسن خلقنا وصورنا فأحسن 
صورنا وجعلنا خزانه في سمائه وأرضه ولنا نطقت 
الشجرة وبعبادتنا عبد الله تعالى ولولانا ما عُبد الله"
(53)       وقال عليه السلام:   
في قوله تعالى في علاه :
(54)      
{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  }
 الأعراف: ١٥٧

 قال: النور في هذا الموضع علي أمير المؤمنين 
والأئمة عليهم السلام والصلوات ...
(54) فهم حملة الرسالة وورثة النبوة وأبناء 
علي والزهراء البتول الطاهرة ...
وهم أبناء هذه الأمة..
(55)  نعني بالأمة : 
الأمة المصطفاة من ...
العترة النبوية المطهرة ... 
 وفيهما الولاية قال تعالى :
" ولتكن منكم أمة ــ مبحثنا : 
مصطلح الأمة في القرآن الكريم : 
منشور في موقع أمة الزهراء عليها السلام .
وقال أبو عبد الله الحسين عليه السلام  ...
 في شرح الآية الكريمة :

{  اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ 
نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ 
وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ 
لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }  :

 النور: ٣٥  ...

قال عليه السلام : 
" الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة: فاطمة عليها السلام ، فيها مصباح: الحسن، المصباح في زجاجة: الحسين، الزجاجة كأنها كوكب دري: فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا، يوقد من شجرة مباركة: إبراهيم عليه السلام ، زيتونة لا شرقية ولا غربية : لا يهودية ولا نصرانية، يكاد زيتها يُضيء: يكاد العلم ينفجر بها، ولو لم تمسسه نار ، نور على نور: إمام منها بعد إمام ، يهدي الله لنوره من يشاء: يهدي الله للأئمة من يشاء، ويضرب الله الأمثال للناس: قلتُ أو كظلمات قال: الأول وصاحبه يغشاه موج الثالث من فوقه موج ظلمات الثاني، بعضها فوق بعض: معاوية وفتن بني أمية ، إذا أخرج يده المؤمن في ظلمة فتنتهم لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له نورا : إماما من ولد فاطمة عليها السلام ، فما له من نور: إمام يوم القيامة ...
 وقال : في قوله تعالى :" يسعى نورهم بين 
أيديهم وبأيمانهم:
أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين 
يدي المؤمنين 
وبإيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة "
(56) ...
التوبة: ٣٢   :    
، قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بأفواههم، قلت قوله تعالى :  {والله متم نوره} قال: والله متم الإمامة والإمامة هي النور وذلك قوله تعالى في علاه  :

{   فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا 
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ  } :  التغابن: ٨ ... 


قال : النور هو الإمام ... 


(57)   وهذا النور الذي سطع في وجه آدم.. حين اكتشفه على ساق العرش هو الذي استكشف به نور التوبة ونور العودة إلى تاج النبوة التي حملها كمشروع إلهي صاعد ونازل إلى الأرض يسطع بإشراقاته من قلب محمد النبي وآل بيته عليهم الصلاة والتسليم، أليس هم الذين أقسم بهم آدم إلى ربه حين قال:
" اللهم إني أسألك بحق نبيك محمد وآل بيته الطيبين.. بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين الطيبين من آلهم كما تفضلت –عليّ- بقبول توبتي وغفران زلتي وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي"
(58)    وروى سيدنا الإمام محمد الباقر أبو جعفر الصادق عليه السلام قال:  قال محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
" من أحب أن يحيا حياة تشبه حياة الأنبياء، ويموت ميتة الشهداء، وسكن الجنان التي غرسها الرحمن ، فليتول عليا وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعده، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي ، اللهم ارزقهم فهمي وعلمي، وويل للمخالفين لهم من أمتي، اللهم لا تُنلهم شفاعتي "
(59)    وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم :
" من سره أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدنيها ربي، ويتمسك بقضيب غرسه ربي بيده فليتول علي بن أبي طالب عليه السلام وأوصياءَه من بعده، فإنهم لا يُدخلونكم في باب ضلال ولا يخرجونكم من باب هدى فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، وإني سألت ربي ألا يفرق بينهم وبين الكتاب حتى يردا  عليَ الحوض هكذا، وضم بين إصبعيه وعرضه ما بين صنعاء إلى أيله فيه قدحان فضة وذهب عدد النجوم" ...

(60)          وفي حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ذكر الحافظ أبو نعيم الحديث عن ابن عباس عليه السلام  قال:
(61)          قال النبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين   ...
:  " من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، رزقوا فهما وعلما، وويل للمكذبين بفضلهم القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي" ...

 وقد ذكرنا الحديث في قراءتنا ...

(62)          قال الشيخ النبهاني في الأنوار المحمدية :
(63)          ...
اعلم أنه لمّا تعلقت إرادة الحق تعالى بإيجاد خلقه أبرز الحقيقة المحمدية من أنواره ،ثم سلخ منها العوالم كلها علوها وسفلها ، ثم أعلمه بنبوته وآدم لم يكن إلا كما قال  النبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين   ...
بين الروح والجسد  ، ثم انبجست منه صلى الله عليه وآله الطاهرين  عيون الأرواح فهو الجنس العالي على جميع الأجناس والأب الكبير لجميع الموجودات .ولما انتهى الزمان بالاسم الباطن في حقه صلى الله عليه وآله وسلم  إلى وجود جسمه وارتباط  الروح به انتقل حكم الزمان الى الإسم الظاهر وظهر محمد صلى الله عليه وآله وسلم بكليته جسما وروحا ، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : إن الله عز وجل كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف وكان عرشه على الماء ومن جملة ما كتب في الذكر وهو أم الكتاب إن محمدا خاتم النبيين ...

وعن العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إني عند الله لخاتم النبيين  وأن آدم لمنجدل في طينته أي طريح في طينته ملقى قبل نفخ الروح فيه "
وعن ميسرة الضبي قال : قلت يا رسول متى كنت نبيا قال : وآدم بين الروح والجسد "
(62) وعن سهيل بن صالح الهمداني قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي : الباقر عليه السلام : كيف صار محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين  أول من قال بلى ولذلك صار يتقدم الأنبياء وهو آخر من بعث.
وعن الشيخ تقي الدين السبكي  : أنه قد جاء أن الله خلق الخلق قبل الأجساد فالإشارة بقوله صلى الله عليه وآله الطاهرين   : كنت نبيا إلى روحه الشريفة أو الى حقيقته والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها ، وإنما يعلمها خالقها ومن أمده الله تعالى بنور إلهي  فحقيقة النبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين :  قد أتاها الله وصف النبوة من قبل خلق آدم  عليه السلام .. إذ خلقها متهيئة لذلك وأفاضه عليها من ذلك الوقت فصار نبيا .. وكتب اسمه على العرش وأخبر عنه بالرسالة ليعلم ملائكته  وغيرهم كرامته عنده . فحقيقته  موجودة من ذلك الوقت وإن تأخر جسده الشريف  المتصف بها . وعن الشعبي قال رجل يا رسول الله متى استنبئت قال : وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق ، فهو أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا ..
وعن بعضهم أنه النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم    ــ خص باستخراجه من ظهر آدم قبل نفخ الروح لأن النبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين  ...
هو المقصود من خلق النوع الإنساني وهو عينه وخلاصته وواسطة عقده ...

(63) وروي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال : لم يبعث الله نبيا آدم فمن بعده إلا أخذ الله عليه العهد في محمد صلى الله عليه وآله وسلم .. لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ويأخذ بذلك العهد على قومه وهو يروي عن ابن عباس  أيضا .. وقيل أن الله تعالى لما خلق نور نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أمره أن ينظر إلى أنوار الأنبياء عليهم السلام فغشيهم منه  ما أنطقهم الله به فقالوا يا ربنا من غشينا نوره فقال الله تعالى : أشهد عليكم قالوا نعم فذلك قوله تعالى في علاه :

{وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ }: آل عمران81

قال الشيخ السبكي :
 في هذه الآية الشريفة التنويه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم  وتعظيم قدره العلي ما لا يخفى وفيها مع ذلك أنه على تقدير مجيئه في زمانه إلى يوم القيامة .. وتكون الأنبياء فأممهم كلها من أمته . ويكون قوله صلى الله عليه وآله وسلم  :
"كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد "
(64)          " فإذا عرف هذا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم نبي الأنبياء ولهذا ظهر ذلك في الآخرة جميع الأنبياء عليهم السلام تحت لوائه وفي الدنيا كذلك ليله الإسراء صلى  بهم ولواتفق ...
(65)           مجيئه في زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله عليه وآله وعليهم ...
(66)          وجب عليهم  وعلى أممهم الإيمان به ونصرته وبذلك أخذ الله الميثاق عليهم . وعن كعب الأحبار قال : لمّا أراد الله تعالى أن يخلق محمدا صلى الله عليه وآله وسلم :

أمر جبريل أن يأتيه بالطينة التي هي قلب الأرض وبهاؤها ونورها قال : فهبط  جبريل في ملائكة الفردوس  وملائكة الرفيع الأعلى فقبض قبضة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  من موضع قبره الشريف وهي بيضاء منيرة ، فعجنت بماء التسنيم في معين أنهار الجنة حتى صار كالدرّة لها شعاع عظيم . ثم طافت بها الملائكة حول العرش والكرسي وفي السموات والأرض والجبال والبحار فعرفت الملائكة وجميع الخلق سيدنا محمد  وفضله  قبل أن تعرف آدم عليهما السلام ...

قال ابن عباس : أصل طينة رسول الله من سرةالأرض بمكة ومن موضع الكعبة دحيت الأرض فصار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أصل التكوين والكائنات تبع له .. " ..
(65)  وعن صاحب عوارف المعارف أن الماء يعني الطوفان لمّا تموج رمى بالزبد إلى النواصي فوقعت جوهرة النبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين
إلى ما يحاذي تربته بالمدينة  فكان النبي محمد صلى الله عليه وآله مكيا مدنيا ، ويروى أنه لمّا خلق الله تعالى آدم عليه السلام ألهمه أن قال : يا رب لما كنيتني أبا محمد...
 قال الله تعالى :
يا آدم ارفع رأسك .. فرفع رأسه فرأى نور
محمد صلى الله عليه  وآله وسلم في سرادق العرش . فقال : يارب: ما هذا النور ــ قال  ــ الله تعالى ــ هذا نور نبيّ من ذريتك إسمه في السماء أحمد ، وفي الأرض محمد لولاه ما خلقتك ولا خلقت سماء ولا أرضا " .
(66)
تقدم نبوة محمد صلى الله عليه وآله
على نفخ الروح في آدم عليه السلام :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين  أنه قال :
" إن الله تعالى كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة" .. " وكان عرشه على الماء"
(67)  .. زاد صاحب اللطائف : ومن جملة ما كُتب في الذكر وهو أم الكتاب: أن محمدا خاتم النبيين .. (68)
وروى الإمام أحمد والحكام عن العُرباض بن سارية رضي الله عنه  عن النبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين
قال: " إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وان آدم لمنجدل في طينته " .. (69)
وفي رواية أخرى : " إني عبد الله وخاتم النبيين وان آدم لمنجدل في طينته .."
وروى أبو بكر البيهقي بسند صحيح :" إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين"
(70) وفي رواية أحمد بن حنبل أيضا :" إني عند الله لخاتم النبيين وان آدم لمنجدل في طينته"..  (71)
وأخرج ابن حبان في صحيحه الحديث :
" إني عند الله مكتوب بخاتم النبيين، وان آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم بأول ذلك دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأيت حين وضعتني خرج منها نور أضاءت لها منه قصور الشام " ..
(72) قال الطيبي في شرح المشكاة : إنجدل .. مطاوع جدله إذا ألقاه على الأرض ..
(73)
وأصله الإلقاء على الجدالة.. (بفتح الجيم والدال المهملة) وهي الأرض الصلبة ، يعني لا يجوز إجزاء مجندل على أن تكون مطاوعا لجدل لما يلزم منه أن يكون آدم منفصلا عن الأرض الصلبة ، بل هو ملقى عليها. والطينة: الخلقة. والمعنى: كتب خاتم الأنبياء في الحال الذي آدم مطروح على الأرض حاصل في أثناء تخلقه لما يفرغ من تصويره وإجراء الروح.
وقال الحافظ أبو الفرج ابن رجب في اللطائف: المقصود من هذا الحديث أن نبوة النبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين  كانت مذكورة معروفة من قبل أن يخلقه الله ويخرجه إلى دار الدنيا حيا. وأن ذلك مكتوبا في أم الكتاب من قبل نفخ الروح في آدم صلى الله عليه وآله الطاهرين  وفسر أم الكتاب باللوح المحفوظ وبالذكر في :
قوله تعالى في علاه :
{يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }الرعد39
وعن ابن عباس رضي الله عنه  أنه سأل عن أم الكتاب فقال:
" علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون، فقال لعلمه كن كتابا، فكان كتابا " وروي عن عمران بن حصين رضي الله عنه ...
عن النبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين
 قال:
" كان الله لا شيء قبله، وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض "
(74)
وقوله في هذا الحديث:" إني عند الله في أم الكتاب " ليس المراد به والله أعلم أنه حينئذ كتب في أم الكتاب ختمه للنبيين، وإنما المراد الإخبار عن كون ذلك مكتوبا في أم الكتاب في ذلك الحال قبل نفخ الروح في آدم، وهو أول ما خلق الله تعالى من النوع الإنساني"..





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق